عاد من سفر بعيد..
وتمنى ان تكون اول مخلوق تراه عينيه بعد كل هذا الزمن وهو وحيد..
لم تتحقق امنيته.. فلقد رأى الكل الا هيي..
وبدأ يتساءل!!.. اين هي؟ متى يراها؟ كيف؟ ولماذا؟
ومع كل سؤال غصة في قلب جريح..
قلب سافر وتغرب وتعذب ليبدأ حياته مع من حلم بها ليال طوال.. مع من سافر من اجل عينيها..
وبعد طول انتظار رأاها..
كادت الفرحة تجعل قلبه يقفز من بين ضلوعه.. وعيناه ترقصان ودموعه ترتجف..
ما عادت الحروف ذا معان.. ولا كلام كثير حضره لحبيبته بعد غياب طال.. ليشرح مدى الحزن في بعدها و الفرحة بلقاءها..
اقترب منها.. ليضم الى صدره قلبه الذي سافر وتركه معها.. فرح الحياة الذي لم يره منذ رأاها اخر مرة.. الابتسامة الحقيقية التي عاش سنينا دون ان يشعر بطعمها.. وفجأة توقف مكانه.. ودهشة وحزن و مرار في عينين تكبدتا سهر الليالي في البعيد.. ودموع تطفأ نار وجنتين احترقا من اشعة لاذعة.. وعقل توقف عن التفكير..
شعر ان كل الالون و الاضواء من حوله اسودت.. لايرى لا يسمع لايفهم .. سوى خاتم الزواج في يدها..
وبصوت خافت.. يكاد يخرج من بلعوم متصحر من كثرة المرار..
_ لماذا؟؟؟؟؟
_ لقد طال غيابك كثيرا.. وكثرة الاقاويل..
_ وهل هذا سبب كفيل بقتلي؟؟؟
_ لم يعد والدي قادر على الخروج من المنزل من كثرة الثرثرة.. وملت والدتي أحاديث النساء عن هجرك لي..
_ وهل هجرتك؟؟؟
_ انا و اهلي نعرف الحقيقة.. لكن مجتمعنا ظالم لايرحم..
_ أهذا سبب كاف لتحطيمي؟؟؟؟
_ لم اعد احتمل.. وصلت لمرحلة الدمار.. فجأة انقطعت اخبارك وهذا ما اكد كلام الناس لوالداي واصرا على زواجي بأول شخص يطلب يدي.. وبعد فترة قصيرة عاد ابن خالتي من السفر وطلبني للزواج فوافق والداي على الفور رغم معارضتي الشديدة ومحاولة انتحار لم استطع الوقوف في وجههم..
وبعد الزواج بأيام قليلة وصلتنا رسالة منك بعد انقطاع.. قلت فيها انك كنت مشغول بمشروع مستقبلنا وانك قريب العودة.. وان حياتنا المقبلة ومستقبل اطفالنا اصبح مستقبل زاهر بالسعادة و الامل...
أدت هذه الرسالة الى تحطيمي.. فلو وصلت قبل ايام قليلة ما..(وابتلعت نيران الدموع الكلمات)..
_ هل انت سعيدة في حياتك؟
_ سعيدة؟؟؟؟
ان زوجي يؤمن لي كل ما اطلب و احتاج.. الا السعادة و الحب الحقيقي الذي وجدته معك.. رغم حبه الكبير لي.. لا اشعر قربه بأي طعم للحياة.. فدائما اتخيله وهو قربي... انت ... واحلم... ثم استيقظ من حلم جميل على واقع مرير واقع مليء بالعذاب و الظلم من مجتمع يتمسك بعادات وتقاليد باليه.. تحطم حياة الكثيرين وامالهم..
_ وماذا الان؟؟؟ ما مصير كل منا؟؟؟
_ مصيري هنا مع زوجي الذي اختاروه لي.. وحياة البؤس هذه.. واطفال سوف انجبهم لاعلمهم حب الحياة الحقيقية و اختيار دربهم كما يريدون رغم كل الصعاب و العقبات.. و لاعوض قليل من حبنا الكبير فيهم.. لانقل لهم بعض احلامي بالسعادة التي اصبحت منسية.. بالنقاء الذي بات خافت الانوار..
_ و انا؟.. وحبي؟؟؟!
_ انت.......
انت حر في حياة جديدة.. غير مكبل ولا مقيد بأي ارتباط في اي مكان..
انت تملك السعادة ياسعادتي.. تملك الحلم يا حلمي.. فأذهب و ابحث عن حلمك بالسعادة الابدية.. وعش حياة ملؤها النقاء و الصفاء ولا تنسني لاني لن انساك ما حييت..
وقبل ان تتركه وترحل اعطته وردة وقالت...
كل يوم في الصباح كنت اشعل شمعة و اضع بقربها وردة كهذه عند النافذة حتى تحفظك في سفرك.. شمعة تنير طريقك ووردة تخبرك مدى حبي و شوقي.. حتى بعد زواجي لم انسى يوما وضعهما عند حافة نافذتي..
اما الان بعد ان عدت و طمأان بالي وقلبي.. فأذهب و اتمنى ان لا اراك ابدا حتى لا نتعذب اكثر مما نحن عليه..وذهبت..
اخذ الوردة وعندما لمسها وجدها مبتلة وساخنة.. كانت دموع حبيبته الغالية ونيران قلبها المتقدة.. لم يعرف ما عليه ان يفعل.. ذهب و حمل معه كل العذاب و الحرمان و المرار في الغربة .. وحقده و كرهه للمجتمع.. وحسرة في قلب احب و لن ينسى محبوبته ماحيي..
قرر ان يشعل شمعة يضع وردة الى جانبها كل يوم على النافذة.. ويتمنى ان تشعر حبيبته بالسعادة و الهناء في حياتها الجديدة..
وقضى كل العمر يحلم بطيف رافقه في سنوات غربته و ابتسامة موجودة اينما ذهب وحب كبير لم يستطع نسيانه ابدا...
الرئيسية 
اليومية
